القرآن لغة الروح

وتعلقها بصحة الذاكرة

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِين(٧٠)

مقدمة

لقد أدى ارتقاء العقل البشري في شتى مجالات الحياة الى اظهار صدق كلام الله العظيم المذكور في القرآن الكريم. فلا تكاد تمر مدة من الزمن الا ونقرأ او نسمع عن اكتشاف علمي يُظهر لنا جليا ان ما ورد في القرآن هو الذي تكون عليه الاحداث في الكون تماما. وهذا بدوره يثبت لنا يقينا ان القرآن من عند الله خالق الكون ولا يمكن ان يكون من صنع البشر.(1) فلو كان القرآن من عند غير الله لوجدنا فيه اختلافا كثيرا عما هي عليه حقائق الكون والحياة. قال تعالى:

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ .

لكن ذلك لا يعنى ان الارتقاء العقلي وما نتج عنه من علوم ووسائل وآلات حديثة هو السبيل الأوحد لإثبات ان القرآن من عند الله. فهناك أيضا سبيل الاستشعار والتذوق الشخصي. حيث يمكن لكل انسان التيقن لنفسه ان القرآن من عند الله عن طريق التفاعل الحي مع القرآن الكريم. وذلك بفعل عامل الروح المشترك بين الانسان والقرآن. فالروح جزء من تركيب الإنسان والقرآن روح كذلك. قال تعالى:

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا.

ولكي نفهم ماهية هذا التفاعل الحي بين الانسان والقرآن لابد أولا ان نشرح ما هي الروح.

أنواع الروح

ذُكرت الروح في القرآن على نوعين. الأول: نَفْخٌ في جامد فيصبح حيا متحركا. كما في نفخ الروح في آدم. وهذا النوع من الروح لا نعرف ماهيته لان الله لم يحدثنا عنه شيئا. بل اكتفى بقوله انه من أمره. قال تعالى:

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا

أما النوع الثاني من الروح فهو كلام الله. وكلام الله قد يكون كلمة واحدة كما في كلمة “كن” التي كانت جزاً من خلق آدم وعيسى عليهما السلام. وقد يكون كلاما كثيرا كما في الكتب المنزلة من عند الله مثل القرآن الكريم. واسم الروح له ارتباط وثيق بكل ما يتعلق بكلام الله حتى ان الله سمى جبريل  الموكل بإنزال القرآن الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالروح.

وهذا النوع من الروح (القرآن) قد عَرَّفَنا الله عنه الكثير حيث حباه الله سمات ومزايا كثيرة منها الخاص ومنها العام. فمزايا القرآن الروحية العامة هي في كونه قرآنا يُتلى وذكر للعالمين. اما المزايا الخاصة له فهي كثيرة ومنها الهدى والشفاء والرحمة.

ويمكن للإنسان استشعار جميع تلك الصفات والمزايا او بعضا منها حسب نوع الحياة التي يمتلكها. فالإنسان له نوعان من الحياة: حياة مادية وحياة معنوية. فكل حي من البشر لديه حياة مادية بصرف النظر عن ديانته. اما المؤمنون برسالة الإسلام فيملكون حياة معنوية بالإضافة الى الحياة المادية.  لذلك كان باستطاعة المؤمنين استشعار وتذوق جميع صفات القرآن الروحية العامة والخاصة. بعكس احياء المادة فقط الذين يمكنهم استشعار وتذوق صفات القرآن الروحية العامة فحسب.

وسوف يكون التركيز في هذه الدراسة القصيرة على سمات القرآن الروحية العامة وذلك في كونه قرآنا يتلى وذكر للعالمين وعن ارتباطها الوثيق بصحة الذاكرة للانسان ونترك الحديث عن الصفات الخاصة للقرآن لدراسة أخرى.

خاصية القرآن بتسميته قرآن

في الحقيقة انني لم أكن لأفطن الى اعجاز القرآن في تسميته بالقرآن لولا اطلاعي على كتابات بعض المستشرقين والتي ينكرون فيها هذه الصفة الروحية للقرآن. وأعني بالتحديد ما قاله مؤلف الكتاب المذكور في المرجع (6) والذي يستهجن فيه ويستنكر تسمية القرآن قرآنا. فهذا الاسم في رأيه غير مطابق للواقع ولا يصلح لان يُعطى لكتاب مثل القرآن من شدة صعوبة قراءته. يقول الكاتب بما معناه “لا أفهم كيف يدعي المسلمون انهم يمكنهم قراءة القرآن مرات كثيرة الى درجة ان بعضهم قد ادعى انه قد قرأه سبعين ألف مرة وانا بالكاد استطعت ان اُتِمَّ قراءة القرآن كاملا مرة واحدة فحسب؟؟”.

وقبل ان نجيب على هذا الكلام لابد أولا ان ننبه ان المؤلف قد ذكر في نفس الكتاب ان ما قرأه هو ترجمة القرآن فهو يرى ان الترجمة تعكس النص الأصلي للقرآن ولا فرق بينهما.  

نرد على هذا المؤلف ومن يقول بقوله أنه كي يكون حكمه صحيحا على القرآن كان لابد ان يقرأه كما أُنزل. والقرآن كما نعرف أنزله الله كتابا عربيا وليس أعجميا. لذلك فان تكلف القراءة الذي انتاب ذلك المستشرق اثناء قراءته لما يسمى بترجمة القرآن امر طبيعي جدا. فترجمة القرآن كتاب من صنع البشر وكتب البشر عادة لا تُقرء الا بشق الانفس. وحتى أفضل الكتب محتوى وأجودها صياغة أدبية عادة ما نقرؤها مرة واحدة او بالكاد مرتين ثم نركنها جانبا فلا نعود اليها ابدا.

اما لو ان المؤلف تعلم قراءة القرآن ثم قرأه كما أُنزل لوجد قرآته سهلة سلسة خفيفة على النفس ولا استطاع ان يعاود القراءة مرارا وتكرارا في كل يوم وفي كل وقت وحين وربما أكثر من سبعين الف مرة على مدى طول حياته. ذلك لان القرآن كلام الله الذي لا يَبلَى من كثرة القراءة. بمعنى أنك تظل تشعر كلما عاودت قراءته وكأنك تقرأه اول مرة. وهذا الشعور لايَتَأتّى الا للقرآن. ومن هنا جاءت تسميته قرآنا فكان اسما على مسمى.

وهذه الخاصية الاعجازية للقرآن يمكن لجميع البشر استشعارها والتيقن منها لأنفسهم ان تعلموا قراءة القرآن. وبعد التعلم فليقرأ من شاء من القرآن ما شاء ومتى شاء مرارا وتكرارا ليرى عدم ثقل ذلك على النفس وسهولته وانسيابه. كما ان الواقع يُظهر هذا الاعجاز جليا فملاين المسلمين على اختلاف السنتهم وثقافتهم واعمارهم يقرأون القرآن يوميا فلا يثقل ذلك عليهم ولا يتعبون من القراءة.

والقرآن ليس سهل القراءة فحسب بل انه الكتاب الوحيد في هذا الوجود الذي يمكن قراءته بدون فهم لمحتواه. جرب ان تقرأ كتابا لا تفهم لغته او تفهم فحواه فلن تستطيع ان تكمل جملة واحدة. وهذا اعجاز يثبته الواقع أيضا. فأكثر العجم من المسلمين يقرؤون القرآن دون فهم لمعاني الآيات ولا لمغزاها. وأهل العربية من المسلمين وان فهموا معاني آياته قلما يفقهون المغزى منها لذلك يحتاجون الى كتب التفسير. ومع ذلك لا تثقل عليهم تلاوة القرآن بالرغم من عدم الفهم العقلي.

معنى كلمة قرآن لغويا

كلمة قرآن هي اسم مصدر من القراءة. والقراءة هي المصدر الصريح للفعل قرأ. وقد فرق بعض النحويون بين المصدر الصريح واسمه. فالمصدر الصريح عند من فرق بين الاثنين هو ما دل على الحدث مجرد من الزمان. بينما اسم المصدر لا يدل في الأصل على الحدث. بل هو لفظ يدل على معنى المصدر. وبهذا يكون مُسمى المصدر هو الحدث ومُسمى اسم المصدر هو لفظ المصدر نفسه. (2)

فمثلا نقول فلان عادل أي نحن نصفه بما يحقق للسامع انه رجل يعرف العدل. ولكن عندما نقول فلان “عَدْل” فكانه هو العدل ذاته. وكذلك عندما نقول فلان صادق فمعنى ذلك انه صاحب ذات اتصفت بالصدق ومن الممكن للذات ان تنفصل عن الصدق يوما. ولكن حينما نقول فلان “صِدْق” فمعنى ذلك ان الصدق قد امتزج به فلا ينحل عنه ابدا. فهو امتزاج الذات بالصفة امتزاجا لا تتخلى عنه ابدا. وبما ان القرآن اسم مصدر للقراءة فهو إذا تجسيد فعلي لها. لذلك فالقرآن مقروء دائما في كل وقت وحين فلا يَبْلَى من كثرة القراءة بينما تبلى جميع الكتب الأخرى.

ضرورية القراءة للصحة العقلية

ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ماهي الفائدة المرجوة من كون القرآن سهل القراءة ولا يبلى من كثرة القراءة. نقول ان القراءة وسلامة الذاكرة لا ينفصلان ابداً. كما التمارين الرياضية لجسم الانسان. فلا ذاكرة سليمة بدون قراءة كما لا جسم سليم بدون حركة. وقد أظهرت الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية المعتمدة مدى أهمية عملية القراءة لصحة الذاكرة خاصة في منع امراض الذاكرة مثل الخرف وضعف الذاكرة.

ولكن مزاولة القراءة ليست بالعملية السهلة فهناك الكثير من الآفات التي تعيقها. فأول تلك الآفات هو ان جميع الكتب تحتاج الى فهم عقلي للمحتوى كي نتمكن من قراءتها. وهذا يجعلها صالحة للقراءة من قبل البعض فحسب. والأهم من ذلك كله انه مهما كان الكتاب مفيدا وسهل القراءة ومفهوما فانه يَبْلي بعد اول قراءة له او ربما بعض المرات ثم نركنه جانبا ولا نعود اليه البتة. وهذا يعني البحث عن كتاب آخر لقراءته وهكذا دواليك.

وكل آفات القراءة تلك لا تنطبق على القرآن بسبب صفته الاعجازية بانه قرآنا. فالقرآن هو الكتاب الوحيد في هذا الوجود الذي يستطيع الجميع قراءته صغارا وكبارا نساءً ورجالا متعلمين واميين. فهو كتاب سهل القراءة لا يجهد الانسان. كما انه يمكن قراءته سواء بفهم للمحتوى او بغير فهم. كما يمكن قراءته من السطور او الصدور. والقرآن كذلك مادة قراءة لا تنضب ولا تنتهي صلاحيتها أبدا مما يسمح بمعاودة القراءة مرارا وتكرارا في كل وقت وحين. هذا بالإضافة الى انه مادة مجانية لا تكلف الشخص أي مال. وبهذا يُمَكِّننا القرآن من المداومة على القراءة وبالتالي المحافظة على صحة الذاكرة بدون كلفة ولا تَكَلُفٍ.

صفة القرآن بانه ذكر

صفة القرآن بانه ذكر هي ايضا من السمات الروحية العامة للقرآن ولها تعلق وثيق بالذاكرة كما يبدو واضحا من الاسم نفسه وكما سنشرح في السطور التالية:

لغويا الذِّكْر اسم مصدر من التَّذَكُّر. والتَّذَكُّر هو المصدر الصريح من الفعل تَذَكَّرَ. ويتجلى اعجاز الذكر في جوانب عدة:

 أولا: ان الله جعل القرآن سهل الحفظ في الصدور على جميع الناس كما هو سهل القراءة من السطور. قال تعالى.

“وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر”ٍ

ثانيا: ان القرآن يمكن تذكره كاملا عن ظهر قلب عكس الكتب السماوية الأخرى مثل التوراة. ورد في الأثر انه لم يحفظ التوراة كاملة الا اربع موسى وعيسى والعزير ويوشع.(5)

وكل تلك الخصائص لصفة الذكر يمكن التيقن منها واستشعارها من أي انسان. فما على الشخص الا ان يحفظ ما أراد من القرآن ليرى سهولة ذلك ويسره. كما ان الواقع يشهد عليه فمن المعروف للجميع ان هناك ملايين المسلمين ممن يحفظ القرآن عن ظهر قلب بعضا او كل سواء كانوا صغارا او كبارا عربا او عجما متعلمين او اميين.

 ولكن وبالرغم من سهولة حفظ القرآن في الصدور فانه يصعب الاحتفاظ به في الذاكرة الأولية للإنسان لأنه سرعان ما يَتَفَلت منها. لكنه يبقى في الذاكرة الطويلة الأمد الى حين استدعاءه مرة أخرى الى الذاكرة الاولية. لذلك فالقرآن يحتاج الى تعهد دائم كي يبقى متواجدا في الذاكرة الأولية. قال الرسول في الحديث:

 «تعاهدوا هَذَا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الإبلِ فِي عُقُلِهَا»

 وأخيرا وليس آخرا يتجلى اعجاز القرآن أيضا في كونه ذكر انه يثير عاطفة الانسان فيذرف الدموع. ولقد ذكر الله في آيات عدة تأثير كلامه المعجز في تحفيز البكاء فقال:

أَفَمِنْ هَٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠)

وسوف نشرح بإسهاب في السطور الاتية كيف ان تلك الجوانب لصفة الذكر تحفظ للإنسان صحته العقلية والنفسية.

أهمية التذكر الدلالي والتذكر العاطفي  للإنسان

تعتبر عملية التذكر الدلالي من المهام الوظيفية لذاكرة الانسان. فالذاكرة هي آلة التذكر كما العين آلة النظر وكما الاذن آلة السمع. لذلك فالذاكرة التي لا تستطيع التذكر هي ذاكرة مريضة مثل العين التي لا ترى والاذن التي لا تسمع.

ويعتبر مرض الفصام (schizophrenia) من أكثر أنواع امراض الذاكرة شيوعا. وهو مرض يفقد فيه المريض القدرة على التذكر. وقد تم تصنيف هذا المرض كنوع من أنواع الجنون. فمريض الفصام لا يمكنه تذكر الأشياء الطبيعية التي يسهل تذكرها عادة. ويعود السبب من وراء ذلك استمرارية الهلوسات السمعية والمرئية التي يعيشها المريض. تقول خبيرة في هذا المجال وهي أيضا من أولئك الذين يعانون من هذا المرض ان الاستمرارية في الهلوسة التي تسيطر على المريض في كل الأوقات تفقده الشعور بمرور الوقت. فهو في غفلة تامة كالنائم تماما  الذي لا يشعر بمرور الوقت عليه. وهذا بدوره يؤثر على الذاكرة ويجردها من القدرة على التذكر. وقد أظهرت الدراسات المعنية لمرضى الفصام وجود قصور واضح في القدرة على استدعاء الذكريات من الذاكرة. (9)

والقرآن في كونه ذكر للعالمين هو السبيل الأمثل للحد من هذه الامراض حيث يوفر للإنسان مادة سهلة التذكر تُمكّن الذاكرة من القيام بعملها الأساسي الا وهو التذكر. كما ان خاصية القرآن في انه لا يمكث طويلا في الذاكرة الأولية يدفع الشخص الى الاستمرار في تعهده وعدم تركه جانبا. وهذا بدوره يضمن إبقاء الذاكرة الأولية مشغولة بالتذكر واستدعاء الذكر فلا تنفك تقوم بعملها. وبهذه الطريقة يحافظ القرآن على صحة الذاكرة. 

ليس هذا فحسب بل ان فوائد الذكر تمتد لتلامس ذاكرة الانسان العاطفية. (8) وهذا يفسر لنا شعور الإنسان بالطمأنينة والهدوء والراحة النفسية عند قراءة القرآن او سماعه. (3) ومن شدة تأثير القرآن على الذاكرة العاطفية فانه يستحث البكاء الذي تذرف فيه الدموع. وهذا البكاء الذي يستحثه القرآن من أكثر أنواع البكاء فائدة للإنسان حيث اكتشف العلماء مؤخرا ان البكاء العاطفي الناتج عن عملية التذكر (مقارنة بالبكاء الانعكاسي او الآلي الناتج عن الم في الجسم او تهيج في العين) يفرز كميات أكبر من هرمونات الضغط المسؤولة عن اجهاد الدماغ وخاصة ما يعرف بمنطقة التذكر والتعلم. فكلما زاد الضغط والاجهاد على تلك المنطقة كلما أدى ذلك الى تدهور الذاكرة التدريجي والتسبب بأمراض الذاكرة والامراض العقلية (4). وإذا اردت ان تعرف مدى صعوبة تحفيز البكاء العاطفي الناتج عن التذكر ما عليك الا قراءة الكتاب في المرجع (7) الذي يتحدث عن تجارب تظهر تأثير البكاء العاطفي واهميته لصحة الانسان العقلية.

الخاتمة

إلى هنا نكون قد ذكرنا ان هناك وسيلتين يمكن خلالهما للإنسان اثبات ان القرآن لابد ان يكون من عند الله ويستحيل ان يكون من صنع الانسان. الاولى عن طريق العلم والدراسة الشاقة واستخدام الآلات الحديثة. والثانية بطريقة سهلة الا وهي الاستشعار والتذوق الشخصي. فالقرآن له خصائص وسمات روحية يمكن للإنسان استشعارها وتذوقها وذلك بسبب عامل الروح المشترك بين الانسان والقرآن. فالإنسان فيه روح والقرآن روح كذلك.

وقلنا ان خصائص القرآن الروحية تنقسم الى قسمين: عامة وخاصة. وتتجلى خصائص القرآن العامة في كونه قرآنا يتلى وانه ذكر للعالمين. وهذه السمات العامة بإمكان كل انسان حي استشعارها سواء كان مؤمنا او لا. اما الخصائص الروحية الخاصة مثل الشفاء والرحمة فهي التي يمكن فقط للمؤمنين برسالة الإسلام استشعارها وتذوقها لأنهم يملكون حياة معنوية بالإضافة الى الحياة المادية.  

 ومعنى ان القرآن يتلى اناء الليل وأطراف النهار انه كتاب لا يَبْلَى من كثرة القراءة بينما تبلى جميع الكتب الأخرى. كما يعني انه سهل القراءة لمن تعلم قراءته الى درجة انه بالإمكان قراءته دون فهم لمحتواه. اما بالنسبة الى معنى الذكر فهو ان القرآن سهل التذكر وسهل الحفظ في الصدور على جميع البشر سواء كان بعضا اول كُلً. كما ان القرآن يحرك ذاكرة الانسان العاطفية عند قرآته او سماعه مما يبعث على الطمأنينة والراحة النفسية ويستحث البكاء العاطفي.

واوضحنا بإسهاب في نهاية المطاف كيف ان جميع تلك الخصائص والسمات الروحية العامة تصب في مصلحة صحة الذاكرة. فلكي تبقى الذاكرة سليمة من الآفات التي تفتك بها فانها بحاجة ماسة الى قراءة مستمرة سواء كانت قراءة من السطور او الصدور. كما انها تحتاج الى استمرارية التذكر سواء كان تذكر دلالة او تذكر عاطفة. وبهذا يكون القرآن هو المصدر الوحيد الذي يوفر للإنسان مادة قراءة وتذكر سهلة سلسة لا تنضب ابدا. وبهذا يضمن للانسان صحة ذاكرته بدون كلفة مادية او جهد نفسي.

انتهى.

 تم بحمد الله في ربيع الأول من عام 1444

 

 

المراجع والمصادر العربية والاعجمية      

 

القرآن الكريم

الحديث الشريف

 

 

(1) https://www.youtube.com/watch?v=-qkfufMzmCU سبب نزول القرآن باللغة العربية للشعراوي رحمه الله

https://www.youtube.com/watch?v=kYaFq_5FTdE لماذا نزل القرآن عربيا وهو للناس جميعا الشعراوي

حنان حسن محمود سالم. اسم المصدر: المصطلح والدلالة. يرجي البحث في محرك البحث جوجل للاطلاع على الرسالة كاملة.(2)

(3) https://www.youtube.com/watch?v=AdSz9wFEcoQ شرح معنى ان هو الا ذكر وقرآن مبين للشعراوي من دقيقة 28 الى 33

(4) Is Crying Good for You? By Serusha Govender. https://www.webmd.com/balance/features/is-crying-good-for-you

(5) https://www.youtube.com/watch?v=H_x76vVxwBY لم يحفظ التوراة كاملة الا اربع للشيخ الشعراوي

(6) On Heroes, Hero-Worship, and the Heroic in History by Thomas Carlyle.

(7) Importance of shedding tears for the overall health of the humans and the different types of tears in this book: Crying: The Mystery of Tears. by William H. Frey. 1985

(8) Why Does Emotion Connect With Memory? 2022. https://www.northstartransitions.com/post/why-does-emotion-connect-with-memory

(9) Memory and Psychosis. 2014. Ann Olson,  The effects of auditory hallucinations on the processes involved in memory https://caps.ucsc.edu/resources/psychosis.html